مرثية أبوي

مرثيّة أبوي

يالله انك ترحم اللي من بعَد موته بكيت

وْتشمله في رحمتك يا ربّ من بعد الممات

العيون تهلّ وابل دمّها لامن شكيت

وإن سكتّ الدمع الازرق ينهمر واقول هات

والعمر ما عاد له لذّة ومنّه ما بغيت

لا فرح لا ونس لا لذّة ولا حتى غناة

ما بقى للعمر فرحة لو زرعت وْلو جنيت

الفرح قفّى وراح مْع السنين الماضيات

والقمر غاب بغياب اللي رحل مهما احتريت

والدجى خاوى الليال الحاضره والمقبلات

والنهار اشبه بديجورٍ به اشباحٍ تبيت

ليلها في يومها ومحاصره كلّ الجهات

ضقت ذرعاً والحزن والضيق حيّ بكلّ بيت

وين أروح ؟ وْضيقتي لا رحت وإن ما رحت جات

والسؤال اللي يحاصرني ليا مني سليت

والله انه زوّد احزاني وسوّابي سواة

قال نايف : وين جدّي ؟ وإستدرت وْلا حكيت

غير ( راح ) وْطاحت دموع العيون الباكيات

قال : ( بابا ) دايم أنت تروح واليا رحت جيت

ليش جدّي ما رجع للحين ؟ قلت : أبوي مات

قال : ( بابا ) ويش معنى مات؟ قلت: أقول : ليت

العمر يهدى وأبهديه العمر طول الحياة

أو لو انّ الرجل له عمرين يمديني عطيت

عمري الثاني لأبوي بطيب نفس وْطيب ذات

آه من ذكرى تذكّرني ليا مني نسيت

ويش أسوّي كلّ ما ارجع واستعيد الذكريات ؟

كم هنا سولف عليّ .. وْكم هنا جيت وْرأيت

مصحفه بيديه يتلو منْه قبل انه يبات

وْكم هنا يروي من جزال القصايد بيت بيت

وْكمّ مجلس لا هرج به كلّ من حوله سكات

وْكم مسح دمع اليتامى قبل ياوي للمبيت

وْكم تحقّق للفقارى منّه اغلى الأمنيات

اليتامى فارقوا عون الكريم المستميت

دونهم .. يومه كفل في عمره عيال وْبنات

والفقارى فاقدين اللي له مْع الناس صيت

بالعطاء والجود من مدّ اليدين الراهيات

وإن رجعت ابحث عن اشياءه لقيت اللي لقيت

كنّ الاشياء في عزا طول الأمد عقب الشتات

النخيل .. اللي حفيف اغصانها منْه انكويت

كنه يْعزْف الحزن من صوت حزن الباسقات

والجداول بدّلت ماها دموع وْلو سقيت

من قراح الماء تبدّل بالدموع السايحات

والنجر ما كنه إلاّ يقول أنا اليوم انتهيت

عقب راع الجود مالي بالوجود أيّة حلاة

أيه عقب اللي حفظْك وْلا اندثرت وْلا بليت

في وجوده .. جعل مثواه الجنان الوارفات

وْهذي دلاله وذا محماسه اللي له هويت

وْذا سلاحه فيه علّمني على الرمي بثبات

وْذاك مسجدْه وْهواه وْفيه صلّيت وْدعيت

ربي إرحم من قضى ليل العمر كلّه صلاة

أشهد اني عقب موته ما فرحت وْلا سليت

وأشهد انّ أصل الكرم والمرجلة والعرْف مات

عبدالله عوجان