‏من هو ابن طفيل ؟

إطلاق المسميات على المباني الحكومية والمدارس والشوارع يشكل أهمية كبيرة عند أي أمة تهتم بنشئها وبهويتها وتاريخها. حضرت في وقت سابق لأحد الفصول في مدرسة للمرحلة المتوسطة اسمها مدرسة ابن طفيل، مشرفا على العاملين فيها فنيا لا إداريا بحكم طبيعة عملي آنذاك، ومن خلال تبادل الافكار وفتح باب النقاش لجميع التلاميذ دار نقاشنا حول الكثير من الأفكار المحلية والعلمية وغيرها، وعند الانتهاء من هذا النقاش الشائق وجه لي احد التلاميذ سؤالا واستغرب عدم معرفتي للحل، وكان السؤال، ما هو او من هو ابن طفيل؟ من هو صاحب هذا المكان الذي سمي باسمه؟ ولماذا ابن طفيل بالذات؟ لحظات من الصمت.. أتعلم انني انا ايضا لا أعلم من هو ابن طفيل هذا؟ إلا ان الاسم اطلق على هذه المدرسة قبل اكثر من أربعين سنة وفي ذلك الوقت كان للعلم اهمية كبرى لدى الأمة الكويتية بالكامل وعلى جميع الاصعدة وأكيد ان اختيار هذا الاسم لم يأت من فراغ، هذا ما دار بيننا من نقاش حول الاسم وماهيته، وبوعد مستحق لذلك التلميذ بأن ابحث واعود له بالاجابة، وعند المساء توسع البحث عبر الشبكة العنكبوتية والمكتبة العامة، تبين لي اهمية هذا الاسم بل هذا العلم (محمد بن عبدالملك بن طفيل الاندلسي)، عالم ومفكر وطبيب وفيزيائي وقاض، بمعنى آخر رجل دولة من الطراز الفريد، وعلاوة على ذلك تميز ادبيا وبخاصة بإحدى قصصه التي قدمها لنشأة الانسان عبر قصة «حي بن يقظان» القصة الفريدة التي قدم من خلالها كيف تكون فطرة الانسان وكيف يصل الى الاقتناع بوجود الخالق، حتى ان كان وحده وان تربى على ايدي البشر ام حيوانات الغاب التي احتوته، ورغم وجهات النظر الادبية والدينية حول القصة الا انها تبقى قصة ادبية فكرية راقية وسباقة، وقد كانت ملهمة للكثير من افكار القصص المشهورة عالميا كقصة روبنسن كروزو ـ قصة فلونة للذي لم يتذكر الاسم - وجزيرة الكنز والكثير من القصص التي لها نفس الروح والفكرة وقد بني عليها الكثير من القصص والافلام السينمائية، فهي لم تأت من رأس خاو بل اتت من رأس من يملك عقلا وفكرا نيرا لم يسبقه اليه احد، وبعد الكثير من الاطلاع والتعرف عليه، عدت الى ذلك التلميذ وشكرته أولا على هذا التساؤل الجميل وأخذت اشرح وابين لهم من هو هذا العلم العربي المسلم الجليل ابن طفيل، وبكل فرح وعزة قالوا لي نحن اذن ابناء ابن طفيل ، الا ان ما أزعجني هو انني طلبت في وقت سابق لي ان اندب الى مكان آخر وهي مدرسة حديثة العهد، والمشكلة انها تحمل اسما غريبا لا يعرفه الا بعض الحطابين قديما او من نزل حوله في وقت سابق، مكان يسمى «غضي» ـ وهو مأخوذ من شجرة الغضى ـ وسميت المدرسة عليه مدرسة غضي، الا انه والحمد لله لم يسألني احد عن معنى الاسم وما هو دوره في فكرنا وثقافتنا وتاريخنا، والمبشر بالأمر ان الدولة وبعد جهد جهيد أبدلته الى بر غضي وبعد ولادات متعسرة اخرى واخيرا تغيرت الى ابو تمام، ولكم ان تبحثوا وتعرفوا من هو ابو تمام هذا. اعتقد انه من الطبيعي ان تكون هذة الاسماء الاقل من عادية على منشآتنا لأن الوضع العام تغير الى اقل من عادي والتعليم لم يصبح اولوية، كما كان سابقا وهذا نتاج طبيعي للوضع العام من رغبة التعلم والقائمين على العلم.